بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وردت النصوص الصحيحة الصريحة بحرمة اقتناء الكلاب في البيوت أو ملحقاتها الخارجة عنها كحديقة المنزل وفناء الدار.. وأنه لا يحل اقتناؤها إلا لصيد أو للحراسة، أو ما استجد من الأمور المعاصرة.. والمسلم يعلم أن الشريعة لم تحرم عليه شيئًا إلا من أجل مفسدته ومضرته، وما على المسلم إلا الاستجابة لما يأمره به ربه تعالى بفعله، أو ينهاه عنه بتركه، وهو يعلم علم اليقين أنه لا تشريع إلا بحكمة بالغة، وأن الأحكام الشرعية منها ما هو تعبدي محض لا نعلم حكمته، ومنها ما هو معقول المعنى، ولا مانع من تلمس الحكمة في الأحكام معقولة المعنى، لكن يبقى التعبد لله بالفعل والترك هو الذي ينبغي على المسلم أن يلتزم به ولا يتساهل فيه.
والفقهاء اتفقوا على أنه لا يجوز اقتناء الكلب إلا لحاجة، كالصيد والحراسة للماشية أو للزرع، أو لمساعدة الضرير أو الكشف عن الجثث تحت أنقاض الهدم أو البحث عن مخابئ المخدرات والقنابل وخلافه … وغير ذلك من وجوه الانتفاع التي لم ينه الشارع عنها، ويجوز تربية الكلب الصغير الذي يتوقع تعليمه الصيد؛ أو لاتخاذه لهذه المنافع المذكورة، ولا ينبغي اتخاذه لغير ما ذكر من منافع.
عن سُفْيَانَ بْنَ أَبِي زُهَيْرٍ -رَجُلًا مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:”مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لاَ يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا، وَلاَ ضَرْعًا نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ”. [البخاري].
وعن عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:”مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَيْسَ بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ، أَوْ ضَارِيَةٍ [معلمًا للصيد]، نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ”[البخاري ومسلم] .. قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ:”أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ”، وَكَانَ صَاحِبَ حَرْث .. ففيه إيماء إلى تحريم الإقتناء والتهديد عليه إذ لا يحبط الأجر إلا بسببه.