, -

القهار

تسبيح نت عالم من الإيمانيات

القهّار – اسم الله الذي لا يُقهر

من بين أسماء الله الحسنى التي تدلّ على عظمته وقوته وهيبته، يأتي اسم “القهّار”، أحد الأسماء التي تهز القلوب وتبعث في النفس الخشية والخضوع. إنه الاسم الذي يدلّ على القوّة القاهرة التي لا تقف أمامها قوة، والجبروت الذي لا يُواجه، والعزة التي لا تُهزم.

معنى اسم الله القهّار

القهّار صيغة مبالغة من “القهْر”، وهو الغلبة والتسلّط مع القدرة. فالله سبحانه وتعالى هو الذي يقهر جميع مخلوقاته، لا يُعجزه شيء، ولا يخرج شيء عن سلطانه، ولا يردّ أمره أحد. هو الذي يقهر الظالمين، ويذلّ الجبابرة، ويُخضع قلوب العباد لإرادته.

قال تعالى:
“يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَىْءٌ ۚ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ ٱلْوَٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ” [سورة غافر: 16]

دلالة الاسم في القرآن الكريم

تكرر اسم “القهّار” في القرآن في ستة مواضع، وكلها جاءت لتُبيّن تفرد الله جلّ وعلا بالهيمنة المطلقة، منها:

  • “وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير” [الأنعام: 18]

  • “قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار” [الرعد: 16]

فاسم “القهّار” يُبرز تفوق الله المطلق على خلقه، ويعكس أنه القادر الذي يُدبّر الأمر كله، في السماوات والأرض.

الفرق بين “القهّار” و”القاهر”

  • “القاهر”: اسم يدل على أن الله تعالى يغلب كل شيء، ويقهر المخلوقات بقوته.

  • “القهّار”: يدل على دوام القهر وشمول القوة، فهو يقهر في كل لحظة، وعلى جميع الخلائق، في كل زمان ومكان، وهو أشد مبالغة في الصفة.

آثار الإيمان باسم الله القهّار

1. تعظيم الله والخضوع له

من عرف أن الله هو القهّار، خشع قلبه، وسكنت جوارحه، وخضع لأمر ربه. فالمؤمن لا يتكبر ولا يتجبر، بل يعلم أنه مهما بلغ من قوة أو سلطة، فإن الله أقوى وأعظم.

2. الثقة بنصر الله للمظلومين

إذا قهرك البشر، فتذكّر أن الله القهّار، لا يُرضيه الظلم، وهو الذي ينصر المظلوم ولو بعد حين. فالإيمان بهذا الاسم يُورث في النفس طمأنينة وعدلًا وانتظارًا للفرج.

3. الزهد في الدنيا

من عرف أن الله هو القهار، علم أن كل شيء زائل تحت قهر الله، فلا يتعلق قلبه بالدنيا ومظاهرها، بل يتعلّق بالله القوي العزيز، القهّار الذي يُغير ولا يُغير عليه.

4. تحذير للظالمين والطغاة

اسم القهّار تحذير للمتكبرين، وأهل الجبروت والظلم، بأن الله لهم بالمرصاد، مهما طال أمدهم في الدنيا. فكل جبار في الأرض سيقهره الله يومًا ما.

كيف نعيش باسم “القهّار”؟

  • في الدعاء: نتضرع إلى الله ونقول: “اللهم يا قهّار، اقهر عدوّك وعدوّنا، واقهر نفوسنا عن المعصية، واهدنا لطاعتك”

  • في الحياة: نتحلّى بالتواضع، لأن الله وحده المتكبر القهّار.

  • في المصائب: نُسلّم بقضاء الله، لأنه وحده من يُصرّف الأمور بحكمته وقهره.

خاتمة

اسم الله “القهّار” ليس فقط إشارة إلى قدرة الله الخارقة، بل هو دعوة للمؤمن إلى الخشوع، والخضوع، والعدل، والتواضع. إنه الاسم الذي يهزّ القلوب ويحيي الإيمان، ويُذكّرنا بأن الله وحده هو المسيطر، وهو المهيمن، وهو الذي لا يُغلب.

من يعيش بهذا الاسم، يعيش في سلام مع نفسه، ويثق بعدل الله ونصره، ويُسلم أمره للقوي القهار، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.