, -

القابض

تسبيح نت عالم من الإيمانيات

اسم الله القابض: تجلٍّ من تجليات الحكمة الإلهية

من بين أسماء الله الحسنى التي تُظهر عظمة الخالق وكمال صفاته، يأتي اسم “القابض” ليدل على قدرة الله التامة في تدبير شؤون الخلق بحكمة وعدل ورحمة. وقد ورد اسم “القابض” ضمن الأسماء الحسنى في عدد من أقوال العلماء، وهو يقترن غالباً باسم “الباسط”، كما في قوله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴾ [البقرة: 245]، مما يعكس توازناً ربانياً بين المنع والعطاء.

معنى اسم الله القابض

“القابض” في اللغة مأخوذ من “القبض”، ويُقصد به الإمساك والتضييق. أما في حق الله تعالى، فاسم “القابض” يعني أنه سبحانه يقبض الرزق، ويقبض الأرواح، ويقبض القلوب، كل ذلك بعلمه وحكمته وعدله. ليس قبض الله تعالى ظلماً، بل هو عين الرحمة والحكمة، لأنه يعلم ما لا نعلم، ويُدبر الأمر بما فيه الخير لعباده في الدنيا والآخرة.

مظاهر القبض الإلهي

  1. قبض الرزق:
    من رحمة الله تعالى أنه لا يُغدق الرزق على عباده جميعاً بنفس المقدار، بل يقبض رزق بعضهم لحكمة يعلمها، فقد يكون في قلة المال صلاحٌ للعبد. قال تعالى:
    ﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾ [الرعد: 26].
    فالتضييق في الرزق ليس دليلاً على الغضب الإلهي، بل هو اختبار وابتلاء.

  2. قبض الأرواح:
    الله وحده هو الذي يقبض الأرواح حين يحين أجلها. قال تعالى:
    ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42].
    وهذه من أعظم مظاهر قدرته تعالى، حيث لا ينجو أحد من قبضه مهما كان.

  3. قبض القلوب:
    قد يشعر الإنسان أحياناً بضيق في صدره، وهمٍّ في قلبه، وهذه من صور القبض التي يبتلي الله بها عباده ليقرّبهم منه، ويُذكّرهم بضعفهم وحاجتهم إلى اللجوء إليه.

العلاقة بين “القابض” و”الباسط”

من كمال الله تعالى أن أسمائه تتكامل ولا تتضاد، فكما أنه “القابض”، فهو “الباسط” أيضًا. يقبض لحكمة، ويبسط لرحمة. فقد يضيق على عبده اليوم ليُوسّع له غداً، ويأخذ منه شيئاً ليعطيه خيراً منه. وهذه الدورة بين القبض والبسط هي سر من أسرار السكينة والرضا التي يعيشها المؤمن.

كيف نتعبد لله باسمه “القابض”؟

  • الرضا بقضاء الله: عندما نفهم أن الله هو القابض بحكمة، نزداد رضاً وصبراً على ما قدره الله من نقص في المال أو ضيق في الحال.

  • الدعاء واللجوء: إذا ضاق بنا الأمر، فلنلجأ إلى القابض الباسط، فهو وحده القادر على تفريج الكرب وتيسير الأحوال.

  • التواضع: علمنا أن الله يقبض بغير إذن من أحد، يربينا على التواضع وعدم التعلق بالدنيا أو التفاخر بالنعم.

خاتمة

اسم الله “القابض” ليس مجرد اسم نقرأه، بل هو صفة عظيمة تدل على عدل الله وحكمته في تدبير أمور خلقه. حينما نوقن أن كل ما يحدث في حياتنا من قبض أو بسط هو من الله، نزداد طمأنينة ورضا. فلنُحسن الظن بالله القابض، ونتوجه إليه بقلب خاشع، واثق في رحمته وحكمته.