, -

نعمة القرآن الكريم وفضله في الدنيا والآخرة وعلامة رفعه من الدنيا

المدونة

مقدمة

في عالم يموج بالفوضى والجهل والاضطراب، يبقى القرآن الكريم النور الربانيّ الذي أضاء للإنسانية طريقها، وأنقذها من ظلمات الجهل والشرك والتيه. لقد أنزله الله تعالى كلامًا معجزًا، محفوظًا، متعبدًا بتلاوته، جامعًا بين البلاغة والتشريع، وبين الهداية والتزكية.

القرآن ليس مجرد نص يُتلى، بل هو روحٌ تُحيي، ونورٌ يُبصر، ومنهجٌ يُصلح، وقانونٌ يُحكم. قال الله تعالى:
{وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52].


🕌 أولًا: عظمة نعمة القرآن الكريم

📌 1. كلام الله المنزل

القرآن هو كلام الله تعالى بحروفه وألفاظه، أنزله على قلب محمد ﷺ بواسطة جبريل، قال تعالى:
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} [الشعراء: 193–194].

📌 2. محفوظ من التحريف

خلافًا للكتب السابقة، تولّى الله بنفسه حفظ القرآن، فلم تمتد إليه يد التحريف أو الضياع:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

📌 3. معجزة خالدة

القرآن معجزة باقية، تحدّى العرب في بلاغته، واحتوى من العلوم والتشريعات والنبوءات ما يعجز عنه البشر. قال تعالى:
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88].


🌍 ثانيًا: فضل القرآن في الدنيا

🧠 1. منهج شامل للحياة

القرآن يعالج قضايا العقيدة، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، والعلاقات الاجتماعية والدولية.
يقول الإمام الشاطبي:

“القرآن فيه بيان كل شيءٍ مما يحتاجه الإنسان في دنياه وأخراه، إما بالنص أو بالإشارة أو بالمثال أو بالتحريض على التعلم”.

💖 2. تزكية النفس وتهذيب الأخلاق

القرآن يُنقّي القلب، ويُهذب الطباع، ويصنع الإنسان الصالح، وهذا أعظم غاية للدين:
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس: 9–10].

🔬 3. توافقه مع الحقائق العلمية

القرآن أشار إلى كثير من الحقائق التي أثبتها العلم الحديث، مثل:

  • تكوّن الجنين ([المؤمنون: 12–14])
  • تمدد الكون ([الذاريات: 47])
  • نشأة الجبال وأثرها في تثبيت الأرض ([النبأ: 6–7])

🛡️ 4. الحماية من السحر والشيطان

من داوم على قراءة القرآن – خاصة سورًا مثل الفاتحة، البقرة، والمعوذتين – حفظه الله من الشرور.
قال ﷺ:
«اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة (أي السحرة)» [رواه مسلم].


🕊️ ثالثًا: فضل القرآن في الآخرة

🌟 1. الشفاعة

«القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة»، كما في الحديث الصحيح. يشفع لصاحبه من عذاب القبر والنار، ويكون له نورًا يوم القيامة.

🏅 2. رفع الدرجات

كل آية يرتقي بها المؤمن درجة في الجنة، فكلما زادت قراءته، زاد رفعة في الآخرة.
«يُقال لقارئ القرآن: اقرأ وارتقِ…»

👑 3. التكريم في المحشر

يُكرم الله حافظ القرآن أمام الخلائق، ويُلبس والدَيه تاج الوقار.
قال النبي ﷺ:
«يُجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيُعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار» [رواه الترمذي].


📉 رابعًا: علامة رفع القرآن من الدنيا

من أشراط الساعة الكبرى: أن يُرفع القرآن من الأرض، فلا يُرى في المصاحف ولا يُحفظ في الصدور.

قال ابن مسعود رضي الله عنه:

“ليُسرينّ على كتاب الله في ليلة، فلا يُبقى في الأرض منه آية في صدور الرجال، ولا في المصاحف”.

وهذا يدل على:

  • زوال الخير.
  • نهاية الدعوة.
  • قرب وقوع الساعة.

وقد جاء في الحديث:
«إن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم، ويثبت الجهل» [متفق عليه].


🧭 خامسًا: واجبنا تجاه القرآن

🔹 1. التلاوة اليومية

فلا يخلو يومنا من تلاوة، ولو آيات قليلة، كما كان النبي ﷺ والصحابة يفعلون.

🔹 2. التدبّر والفهم

لا يكفي التلاوة، بل يجب التدبّر، كما أمر الله:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [محمد: 24].

🔹 3. العمل بما فيه

فالعبرة في الاتباع، لا في الحفظ فقط. الصحابة كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يفقهوها ويعملوا بها.

🔹 4. تعليم الأبناء والناشئة

فالقرآن هو الحصن لأجيال المستقبل من الانحراف والانحلال.

🔹 5. الدعوة إليه ونشره

فهو رسالة العالم، ويجب أن نُحسن تبليغها بالحكمة والموعظة الحسنة.


💬 خاتمة

القرآن الكريم ليس فقط نصًا دينيًا نقرأه في المناسبات، بل هو دستور حياة، ومنهج صلاح، ومصدر نور وهداية. فضله لا يُعدّ، وبركته لا تُحدّ، وأثره أعظم من أن يُقاس.

من تمسّك به، نجا، ومن أعرض عنه، هلك. وسيأتي على الناس زمان يُرفع فيه هذا الكتاب من الأرض، وتُظلم القلوب لفقده. فلنكن من الذين يعمّرون حياتهم بنور القرآن، ويجعلونه منهجًا وسلوكًا لا مجرد تلاوة.

اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، ولا تجعلنا ممن هجره ظاهرًا أو باطنًا.

تدوينات ذات صلة

بركة القرآن الكريم

 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إلى من قدَّر الله له قراءة هذه المقالة أحسب أن الله أراد بك خيرًا، فخذ من وقتك دقائق واقرأ بتمعن، فإني ناصحك بنصيحة لئن أخذت

القرآن الكريم… دستور الحياة وشفاء الأرواح

بسم الله الرحمن الرحيمفضل تلاوة القرآن الكريم وأثره في حياة المسلم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن القرآن الكريم هو كلام الله المنزل

حفظ القرآن آمان من الخرف

مع تقدّم الإنسان في العمر، تبدأ مخاوف كثيرة تُراوده، من أبرزها: فقدان الذاكرة، وضعف التركيز، والخرف الذي قد يجعل الشيخ الكبير وكأنه عاد طفلًا لا يعي ما حوله.وفي ظل هذا القلق المتزايد، يعود المؤمن ليرتوي من