, -

حفظ القرآن آمان من الخرف

المدونة

مع تقدّم الإنسان في العمر، تبدأ مخاوف كثيرة تُراوده، من أبرزها: فقدان الذاكرة، وضعف التركيز، والخرف الذي قد يجعل الشيخ الكبير وكأنه عاد طفلًا لا يعي ما حوله.
وفي ظل هذا القلق المتزايد، يعود المؤمن ليرتوي من معين الهدي النبوي والقرآن الكريم، باحثًا عن الطمأنينة والدواء.

✨ دعاء نبوي جامع لحفظ الحواس والعقل

من أجمل الأدعية التي كان النبي ﷺ يعلّمها لأصحابه، دعاءٌ يطلب فيه العافية التامة في السمع والبصر والقوة طوال الحياة، جاء فيه:

“اللَّهُمَّ متّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا…”
رواه الترمذي وصححه الألباني.

هذا الدعاء يدل على أهمية السمع والبصر والقوة الجسدية في حياة الإنسان، لا سيما في آخر عمره. فالعقل السليم يحتاج إلى حواس سليمة تعينه على الفهم والتفكر.

وقد فسّر العلماء هذه الجملة بأن فيها طلبًا من الله أن تبقى هذه الحواس صحيحة وقوية حتى نهاية الحياة، حتى لا يُصاب الإنسان بالعجز أو الخرف أو فقدان الإدراك.

📖 القرآن… الحصن الحصين من الخرف

لم يغفل السلف الصالح هذا المعنى العظيم، بل نقلوا لنا أن القرآن الكريم من أعظم أسباب حفظ العقل وسلامة الإدراك مع كبر السن.
فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله:

“من قرأ القرآن لم يُرَدَّ إلى أرذل العمر”
وأشار إلى قول الله تعالى:
﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [التين: 5-6]

ومعنى ذلك: أن من حافظ على القرآن، قراءة وتدبرًا وعملاً، فإن الله يحفظ عليه عقله وذاكرته، فلا يصل إلى مرحلة الخرف التي يفقد فيها الإنسان علمه السابق.

وقال عكرمة رحمه الله:

“من قرأ القرآن لم يُردّ إلى أرذل العمر”

وقال الإمام طاووس:

“إن العالِم لا يَخرف”، أي أن من امتلأ قلبه وعقله بالعلم، خاصة علم القرآن، فإنه يُحفظ من هذه الآفة المؤلمة.

🧠 حتى الطب الحديث يوافق

لم تعد هذه المعاني الروحية حكرًا على النصوص الدينية فقط، بل أكدها الطب الحديث كذلك.
فقد ذكرت مؤسسة “مايو كلينك” الطبية أن من الوسائل الفعّالة في تأخير الخرف العقلي:

  • إبقاء العقل نشطًا.

  • ممارسة التمارين الذهنية.

  • القراءة وحل الألغاز والألعاب الذهنية.

وما أعظم أن يجمع المؤمن بين ذلك كله في عبادة واحدة: تلاوة القرآن وتدبر معانيه، فهي غذاء للروح، وتمرين للعقل، ووقاية من الضعف والنسيان.

🌿 خلاصة القول

  • حافظ على قراءة القرآن يوميًا، ولو باليسير.

  • داوم على الدعاء النبوي بطلب العافية في الحواس والقوة.

  • اجعل للقرآن مكانًا دائمًا في يومك، ففيه نورٌ وبركة، ودواءٌ للعقل والروح.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، ولا تردنا إلى أرذل العمر.

تدوينات ذات صلة

القرآن نزل من السماء لأجلك… فماذا فعلت لأجله؟

واجبنا تجاه القرآن الكريم: قراءة وتدبرًا وتطبيقًا مقدمة القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل، أنزله على نبيه محمد ﷺ ليكون نورًا وهدًى للبشرية، يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط الله المستقيم. وقد عظم

خطبة الجمعة إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم

بسم الله الرحمن الرحيم  الخطبة الأولى: أما بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حق التقوى، واستمسكوا بكتابه القويم وهدي رسوله الكريم في جميع شؤون حياتكم الخاصة والعامة، قولاً وعملاً واعتقادًا وفكرًا، فمن ابتغى الهدى في

شكوى النبي الكريم من هجر القرآن العظيم

هجر القرآن.. شكوى نبوية وتحذير لنا قال الله تعالى في كتابه الكريم:“وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا” [الفرقان: 30]. بهذه الآية يحكي الله تعالى شكوى نبيه محمد ﷺ، حين قال: “يا رب،