تاريخ المسجد النبوي الشريف

يُعدّ المسجد النبوي الشريف، الواقع في المدينة المنورة، ثاني أقدس مسجد في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة. ارتبط المسجد ارتباطًا وثيقًا بحياة النبي محمد ﷺ منذ تأسيسه وحتى وفاته، ليصبح مركزًا دينيًا وتاريخيًا عظيمًا.

التأسيس والبناء الأول

عند وصول النبي محمد ﷺ إلى المدينة المنورة عام 622م (1 هـ) في حادثة الهجرة، كان أول ما قام به هو بناء المسجد النبوي ليكون مركزًا للعبادة والاجتماعات العامة. اختار النبي ﷺ موقع المسجد الذي كان أرضًا تابعة ليتيمين من بني النجار، واشتراها منهما. شارك النبي ﷺ وأصحابه في بناء المسجد، حيث بُني من الجريد وسقف بسعف النخيل، وكانت أعمدته من جذوع الأشجار. بلغت أبعاده الأولية حوالي 35 × 30 مترًا.

التوسعات الأولى

مع زيادة أعداد المسلمين، تمت أول توسعة للمسجد في عهد النبي ﷺ. تم زيادة مساحة المسجد لاستيعاب المصلين، وظلت البساطة هي الطابع الغالب على البناء.

التوسعات التاريخية

  1. الخلفاء الراشدون: قام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوسعة المسجد لأول مرة عام 17 هـ، وزاد مساحته بما يتناسب مع احتياجات المسلمين. لاحقًا، قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بتجديده باستخدام مواد بناء أكثر صلابة كالطوب المحروق والحجارة.

  2. العصور الإسلامية المتعاقبة: شهد المسجد عدة توسعات وإضافات في العصور الأموية والعباسية والمملوكية، حيث أضيفت المنارات والزخارف الإسلامية.

  3. العصر العثماني: بلغت التوسعات ذروتها في عهد السلطان عبد المجيد الأول في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث أعيد بناء أجزاء كبيرة من المسجد مع الحفاظ على قبر النبي محمد ﷺ والمحراب والمئذنة.

  4. العصر الحديث: شهد المسجد توسعات ضخمة في عهد المملكة العربية السعودية، حيث بدأت أول توسعة كبرى عام 1950م في عهد الملك عبد العزيز، تلتها توسعات أخرى في عهد الملك فهد والملك عبد الله، ليصبح المسجد قادرًا على استيعاب الملايين من المصلين، خاصة خلال موسم الحج ورمضان.

المعالم البارزة

يحتوي المسجد النبوي على معالم فريدة، أبرزها:

  • الروضة الشريفة: وهي المكان الممتد بين منبر النبي ﷺ وقبره، وتُعدّ من رياض الجنة.

  • القبة الخضراء: التي بنيت فوق قبر النبي ﷺ في العصر المملوكي، وأصبحت رمزًا شهيرًا للمسجد.

  • المآذن: أضيفت المآذن عبر التاريخ، وتطورت حتى بلغت 10 مآذن في التوسعات الحديثة.

أهمية المسجد النبوي

إلى جانب كونه مكانًا للصلاة والعبادة، كان المسجد النبوي مركزًا للتعليم والإدارة والقضاء في عهد النبي ﷺ والخلفاء الراشدين. يحتضن المسجد قبر النبي محمد ﷺ وصاحبيه أبي بكر وعمر، ما يضفي عليه مكانة روحية خاصة في قلوب المسلمين.

الخاتمة

يبقى المسجد النبوي شاهدًا على تاريخ الإسلام ومركزًا روحيًا وثقافيًا للمسلمين حول العالم. يحظى المسجد باهتمام كبير من الحكومات الإسلامية، ويشهد تطورًا مستمرًا ليظل رمزًا حيًا للإيمان والوحدة الإسلامية.